...مذكرات د.كوثر © 2007-2018 جميع الحقوق محفوظة للكاتبة.لا يمكن نسخ أو استخدام أي من المحتوى بأي شكل بدون ذكر المصدر...

Thursday, April 3, 2008

مذكرات ~ 8

لا يمكنك إجبار العجائز على شيء !

لا يمكنك إجبار العجائز على شيء !

لا يمكنك .. !

تمامًا كما لا يمكنك أن تجبر الأطفال على شيء !

عناد الأطفال يكون نابعًا من خوفهم من المجهول، من خوف فقد ما معهم، ربما من عدم فهمهم لما يحدث من هؤلاء العمالقة حولهم، أما عناد العجائز فالأمر مختلف ..

أحيانًا يكون الموضوع يتعلق بالكرامة.. أو ما يظّنونه كذلك.. إن لم ينفّذ هؤلاء الشباب المغرور كلامهم فإن ذلك يجرح كبرياءهم وكرامتهم.. ويتعلّق أحيانًا بالخوف .. والخشية من فقد الهيبة والاحترام .. الخوف من تحولهم إلى شيء على هامش الحياة، لا يَفهَم ولا يُفهَم..

ما مناسبة هذا الحديث؟

لا أدري.. إنه كذلك وحسب، أجمل ما في الأمر أنني لا أكتب ‘يوميات’ بل أكتب ‘مذكرات’ وطبعًا تعرفون الفارق..أنا أكتب ما يحلو لي وقتما أريد .. وأتحدث عمّا أشتهي وقتما يحلو لي أن أفعل !

أصبحتُ كثيرة الاكتئاب مؤخرًا.. أفكّر كثيرًا بشأنِ نهايتي، تمرّ بعض سنوات عمري أمامي كفيلم مملّ أريد إنهاءه سريعًا.. كلّ ما في الأمر أنني لا أتوقع نهاية معيّنة، ولا أنتظرها.. أفكّر بها فقط..بلا أيّة مؤشرات حيويّة عندي، وليتها مثل أي فيلم نراه، نستطيع بضغطة زر أن نعرف النهاية بدلًا عن الانتظار مجبرين..

حفيدتي نورا عاشقة.. لكنّها تحاول إقناع نفسها بغير ذلك.. ولا ألومها، فماذا جنى العشّاق غير الألم ؟

لا يمكنك أن تكون عاشقًا وسعيدًا في ذات الوقت، هذا من مستحيلات الحياة – وهي كثيرة جدًا- ؛ أن تكون عاشقًا فذلك يعني أن وقتك يضيع في أحلام تصنعها وحدك وتنتجها وتقوم بتمثيل جميع شخصياتها.. وحدك .. وتكون أنت فقط من اشترى التذكرة ببضعة أوهام .. وشاهد الفيلم في النهاية.. وحده، ولا يأتي هذا بأية مردود سعيد..خاصّة وأنت ترى أن الفيلم الحقيقي يسير عكس ما أخرجت في أحلامك..

ولا يوجد شخص سعيد، سوى شخص حرّ، لا تبحث عيناه عن فلان..ولا يخفق قلبه دقة زائدة عند رؤيته، ولا ينتظر في أيّة لحظة إشارة تدلّ على وجود مشاعر متبادلة !

السعداء أحرار..والأحرار سعداء .. !

والعشاق سجناء عشقهم .. لذلك هم تعساء، كأيّ سجين آخر..

عندما تزوجتُ زوجي – رحمه الله- لم أتزوجه عن حب، لم يكن بوسعي أن أُسْجَنَ مرّة ثانية، كان زواجًا تقليديًا مملا شديد العاديّة، لم أتصوّر أنا نفسي – وحتى الآن- أنني كنتُ بطلة في هذه الزيجة !

كان دكتورًا في جامعة أخرى، سمع عني من بعض الأقارب وتقدّم قبل حتى أن يراني، بعد فترة من التعارف واللقاءات وافقتُ كي أرضي أمّي قبل أن تموت !
نعم.. لهذه الدرجة أصبحتُ قاسية على نفسي، لم أعد أهتم من يفعل ماذا..تزوجتُ والسلام.

لن أقول وليتني ما فعلت.. لأنني من اتخّذ القرار بكامل إرادته.. لدّي ابنة وابن يملؤون عليّ حياتي الآن ويخفّفون من شعوري بالذنب تجاه نفسي، من طريف ما يقولون – أو ربما هو تحليلي المـحـض- أن النساء ينقسمن إلى نوعين..
نوع منهن تحب زوجها وتكون علاقتهما كعلاقة الأصدقاء بعد الزواج بحيث لا يحتاجان إلى أطفال، وإن جاء الأطفال كانوا ككماليات غير ضرورية.. وأعتقد أنني كنتُ كذلك قبل أن أفقد من أحببت..

والنوع الآخر تحب أطفالها ولا تحب زوجها إلا بمقدار ما يجلب لها من أطفال، في النهاية تحتكرهم لها دونه، ويختلفون دائمًا في طريقة معاملة الأطفال، فهي تدللهم زيادة عن اللازم، وهو ينقلب عليهم زيادة عن اللازم..يختلفون لكنهم يتماسكون -من أجل الأطفال!!-
من أجل الاختلاف عليهم بالأحرى !

كلا، لم أصل للنوع الثاني، صحيح أنني لم أحبّ زوجي، ربما لم أحبّ أطفالي كذلك ... أم أنني فقدتُ معنى الحب ؟ ربما.. ما أعرفه تمامًا أنني عاملتُ الجميع بالحسنى وربيّت أبنائي كما ينبغي وهما الآن على خير ما يكون الأبناء بالنسبة لي ويندمجان في المجتمع تمامًا كأجمل ما يكون، وهذا ما يجعلني فخورة بنفسي..

يتعالى صوت كاظم بينما أكتب..

تعال وفكّ من هالصدر ضيقه
تعال ولا تفرّط في حناني
أنا ملّيت .. إذا تبغي الحقيقة
ولا ودّي غيرك..حب ثاني
ترى ما للعشيق.. إلا عشيقه
ترى ما تسعدك.. إلا أحضاني
لك أيامي.. وتبخل...

كاظم رفيق العشّاق.. والساهرين للمذاكرة أو الكتابة..أحب سماع القصائد بصوته.. بشجنه.. بالاكتئاب الذي يسري في دمي عندما أستمع إلى طريقته في غناء الشكوى..!

يقولون أنّ الحب الأول لا يُنسَى أبدًا.. لكنني أختلفُ مع من قال ذلك.. ليس شرطًا أن الحب الأول من يذكر أبدًا.. الحب الصادق..الحقيقي هو الذي لا يُنسى أبدًا..هناك حب تتمنى أن تنساه وتمحو ذكرياته من ذاكرتك.. وحب تتمنى أن تعيشه بكل كيانك.. وحب مستحيل.. هناك الحب الدافئ الوفيّ الذي يحتويك ويظلل حياتك - وهو أروعها برأيي- ..وحب أحد طرفيه ذليل يعيش في قلق وشكّ وترقب، وأنواع أخرى توجد طالما وُجِدَ الإنسان !

اتصل بي دكتوري اليوم يطمئن على صحتي، دعاني لزيارته لإجراء فـحـص عام، قليلون هم الناس التي تقابلها وتفارقها وتظل نفوسها صافية تجاهك !
خصوصًا إذا كنت شخصًا كبيرًا في السن، لن يفهم كلامي هذا إلا صديق للضغط والقلب وهذه الألعاب الخاصة بالكبار فقط..
ربما أذهب له غدًا أو بعد غد

لو تذّكرت !


د.كوثر
إبريل2008