...مذكرات د.كوثر © 2007-2018 جميع الحقوق محفوظة للكاتبة.لا يمكن نسخ أو استخدام أي من المحتوى بأي شكل بدون ذكر المصدر...

Friday, October 3, 2008

مذكرات ~ 12

"ثمّة نوعان من الرجال، نوع يشعرني أني أنثى، ونوع يلحّ باستمرار لأكون له أمًّا.."


من وجهة نظري في الحياة، حياتي – وهي ليست بالقصيرة أبدًا- ؛ لم أجد نوعًا ثالثًا بعد ! حتى الأخ يريد من أخته أن تعامله كما تعامله أمه !


لا يوجد ذلك النوع الذي يحب المرأة بضعفها وجنونها ويفهمها حين تحتاج إلى صديق يسمعها، مقولة ماجدة .. كن صديقي .. لم تنبع من فراغ، لأنها لم تجد – على الأرجح- سوى ذانِك النوعين، بينما تبحث عن نوع ثالث.


ذلك الذي لا ينتظر من المرأة مقابلا ماديّا مقابل اهتمامه ووقته، ولا استماعه لها، لا ينظر إليها على أنّها كائن مخلوق لمتعته الخاصّة، ولا لخدمته والفناء من أجل أن يكون "عظيمًا خلفه امرأة!"


لا أعرف من يمكنه ممارسة هذا الدور بجدارة سوى أبّ، مع أنه أحيانًا يريد من ابنته أن تعامله بحنو الأم، إلا أنه الصديق المثالي حتى الآن.


أيام الجامعة تصوّرتُ أنّني وجدتُ هذا النوع الثالث .. تلك الفئة من الرجال التي لا تشعر المرأة بالخجل من وجودها أمامهم، ولا تودّ الهروب بأسرع وقت للتخلّص من نظرات أعينهم، بعض زملائي في الجامعة كانوا من تلك الفئة الثالثة – أو هكذا ظننتُ- إلى أن اكتشفتُ أن مقولتي الأولى هي الأصح والأعم .. لا يوجد نوع ثالث مهما هُيئَ للمرأة وجوده!


كنا مجموعة كبيرة من الأصدقاء والصديقات، طيلة سنوات الدراسة معًا .. تعارفنا كان في مكتبة الجامعة، بدأ التعارف عندما وجدنا أنفسنا نبحث عن ذاتِ الكتب، نقرأ في نفس المجالات، نتحدث عن نفس المواضيع، فانضممنا إلى بعضنا إلى طاولة واحدة ذات مرّة، ومنذها ونحن معًا حتى آخر سنة لنا في الجامعة، كان أصدقاؤنا الشباب حقّا من أفضل الرجال الذين قابلتهم في حياتي، ذلك النوع الثالث المريح، الذي لا تودّ الهروب منه، بل تفضّل أن تقضي معه يومك كلّه دون ملل، وكانت صديقاتي كذلك .. كنّا فريقًا رائعًا .. كنا نجلس في كافتريا الكليّة في أوقات فراغنا، أو نخرج لنتمشى معًا .. وقمنا بعدّة رحلات سويًا والتي تقيمها الجامعة، والصور تشهد على سعادة تلك الأيام .. فالابتسامة فيها صادقة، والنفوس صافية.


كانت أيامًا رائعة من حياتنا.. انتهت بعد أن انتهينا من الدراسة.. للأسف..


بعض الشباب التحق بالخدمة العسكرية، وبعض الفتيات تزوجن وسافرن، البعض الآخر تقدم للبعض الأُخَر ولم يُقدّر لبعض العلاقات أن تكتمل فساهم هذا في تفريق الشمل أكثر !


المهم أنني الآن على علاقة بالبعض فقط، الذين سمحوا لي بأن أظل على علاقة بهم !


الإنسان هو الذي يحدد متى قد تنتهي علاقة ما، ربما لا يحدد متى تبدأ \ كيف أو أين، لكنه وحده يقرر متى ستنتهي، عندما يرى أن مشاعره مستـنـزفة أكثر من اللازم، وأن جهوده تضيع بلا تقدير وعطاءه يذهب دون مبادلة .. فإنه –بوعي أو بدون- ينسحب تدريجيًا – نفسيًا- أو ماديًا من علاقة كهذه.


والإنسان وحده أيضًا يحدد إن كان يريد أن تستمرّ علاقته بأحدهم، فإنه يصرّ على الوصول إليه مهما كانت الظروف، ربما في شبابي كانت الأمور أصعب، بسبب وسائل الاتصالات البدائية حينها، لكنّ الأمر لم يكن مستحيلا كذلك، لكننا الآن نتعثر بمن لا نريد، إن لم يكن في الشـارع ففي منتدى، في مدونة، أو حتى في الفيس بوك !


بينما لا تحدث تلك المصادفات السعيدة مع من نشتاق إليهم ونرغب أن تتعثر بهم أعينـنا على أرصفة الحياة وطرقات مشاويرنا، ولا أعلم السبب الحقيقي لذلك، قديمًا كانوا يفسّرونها بـ: اللـي تـخـاف منّـه تلاقيه !


الآن أفسّرها بأننا عندما نريد شيئًا حدّ المـوت، فإننا نعلم يقينًا مسبقًا أنّ ذلك لن يحدث، وإلا انتقل الفعل من خانة"الرغبة" إلى خانة" التوقّع"، كم نلعب على وتر الـ"لعلّ وعسى" أو "ربما"؛ أنا أسير في الطريق الذي أعلم جيّدا أنه لا يقاطعك، وآمـل أن أصادفك فأصادف شخصًا لا أريده يسكن في الجوار وآتي للتحدث عن فلسفة رؤية من لا نريد وهذا الهراء !


ليس لديّ تفسير آخر في الواقع، ربما يتعلق هذا بالـ"حظ"، أنا لا أعتبر نفسي محظوظة، في الغالب كنتُ وكما يقول شباب هذه الأيام"فَـقْـر"، لكن ضربات الحظ عندما تأتيني فإنها تنسيني حقًا أيّ سوء حظ سابق.!

د.كوثر

اكتوبر 2008