...مذكرات د.كوثر © 2007-2018 جميع الحقوق محفوظة للكاتبة.لا يمكن نسخ أو استخدام أي من المحتوى بأي شكل بدون ذكر المصدر...

Wednesday, October 3, 2007

الصفحة الأولى

أحتاج بشدة لكتابة مذكراتي...


لا أدري لماذا لم أكتبها منذ زمن بعيييييييييييد ... قاربتُ سنّ المعاش وها أنا في أوائل صفحات مذكرتي، يا للعار، لكنّ .. عزائي أن ذاكرتي قويّة ، وإلا لما استمررت حتى الآن في التدريس وبصحة عقلية تضاهي الذين عُيّنوا حديثًا في الجامعة، رغم أن صحتي الجسدية تسوء.. لكن هذا حكم السنّ ولا دخل لنا فيه..



حتى تعرفوني - إن قرأتم هذا يومًا ما- فأنا سيدة عاديّة جدًا، كبقية سيدات العصر الشرقي، غير أني أصبحت دكتورة في الجامعة، وهذا مشواري الطويل المختلف، ربما عن باقي السيدات..

شكلي مثال للسيدات ذوات الطراز القديم، قصيرة، ممتلئة، أرتدي الجوب إلى منتصف الساق، وبونيه ، هذا ما تربيت عليه حيث لم يكن هناك أية حجاب، وفي نفس الوقت كان الاحترام سائدًا بشكل أكثر مما نراه الآن رغم انتشار حجاب "الطرحة السطر" وغيرها من المناظر القميئة التي آسف أنني عشت لأراها ..



أما وقد أصبح قدري أن أعيش حتى أرى هذا الزمان المهبّب، وهؤلاء الطلبة الشنيعوا العقول والأفهام، الذين يأتونني صباحًا قبل أن يكونوا قد استيقظوا، ولا أدري كيف لم تدهسهم سيارة ما أثناء قدومهم ، أراهن أنهم يسيرون أثناء نومهم حتى يأتوا إلى الجامعة، فمن المحتّم أن أسطر بعض السطور التي تعبّر عني، فقد أصاب بجلطة في غير موعدها إن لم أنفّس أولًا بأول عن مكنونات صدري العجوز..




يدخل الطالب متأخرًا فأسأله عن سبب تأخره يقول: المواصلات! ووجهه لايبدو عليه إلا أن المواصلات هي آخر أسباب تأخرّه، لا أدري ماذا يؤخرهم عن الاستيقاظ مبكّرًا، عن نفسي أستيقظ عند الفجر تقريبًا ! يوم أن أتأخر يكون استيقاظي قبل الشروق بأية حال..وهي حالات نادرة .. !






أتذكر نفسي كيف كنا نحضر باكرًا - نحن الطلبة- قبل الدكتور بفترة لا بأس بها، نتحاور مع بعضِنا فيما درسنا، أو في أي شيء آخر، كنا نستمتع بوقتنا وننهل من العلم في ذات الوقت، لم نكن نشعر أننا نؤدي واجبًا كي ننجح في النهاية لاعنين كلّ شيء - كما يحدث الآن-




كنا نحترم الدكتور ونعتبره قدوة لنا، ومصدرًا نرجع إليه موازيًا للكتب تمامًا وأفضل، حتى لو وُجد دكتور لم يعجبنا أسلوبه أو لم نفهم منه، نحاول ذلك معًا حتى نتوصل لحل ما.. أراهن أن الطلبة الآن لا يعلمون شيئا عما أقول إلا قبيل الامتحانات، من شكلهم أمامي أشعر أنني كمن يتحدث فجأة عن التطبيقات الإحصائية في فصل ما لمحو الأمية، عيون محدقّة وأفواه فاغره، أو عيون ناعسة، وفي كل الأحوال : عقول غائبة !




أحيانًا أشعر أن المقاعد الخشبية تئن لكلامي بينما الطير مستكينا على رؤوس الطلبة! ولذلك دومًا أدعو لهم أن ينفخ الله في صورهم هذه يومًا ما قبل وفاتي..!


د. كوثر
منتصف أكتوبر..2007