...مذكرات د.كوثر © 2007-2018 جميع الحقوق محفوظة للكاتبة.لا يمكن نسخ أو استخدام أي من المحتوى بأي شكل بدون ذكر المصدر...

Tuesday, November 13, 2007

مذكرات ~ 3


الآن، وبعد أن ملأت قدحي بالقهوة، أستطيع أن أقوم بعملية رفع الضغط البطيئة، لا أخطر على المسنّين من تصحيح أوراق طلبة هذا الجيل !

أعرف أن القهوة سترفع ضغطي هي الأخرى طبيّا، لكنها تمنع على الأقل بعض الصداع، قمت بوضع هذا الأمر في الاعتبار وجلبت أدوية الضغط والنيتروجلسرين لأكون على أهبة الاستعداد !

قد تقولون، ولماذا أرهق نفسي لهذا الحد ؟
يكفي أن أوكّل أحد المعيدين بالأمر، وأنتهي من وجع القلب هذا ! لكنني أريد أن أعرف – رغم كل حسرتي- فيم يخطئون، ما هو الصعب بالنسبة لهم، لأحاول توجيههم للمطلوب الصحيح..

لا أدري إن كنتم تتفقون معي، لكنني – وهذا عيب في هذا الزمان ربما- مخلصة في رسالتي العملية، أحب توضيح الأمور حتى النهاية..

لذا، قد أموت يومًا بشبر قهوة، أو شبر ورقة امتحان !
على كل حال، دعونا نأخذ الورقات..بالطبع لن أكتب ما أرى في مذكراتي..
دعوني أتذكر شيئًا جيدًا ريثما أصحح..

نعم نعم أستطيع فعلها، واحدة بعمري وخبرتي تستطيع كتابة كتاب في مادتها وهي تتحدث في الهاتف، تمامًا كما مس ماربل تكشف أعقد الألغاز بينما تخيط ! هناك شيء من الحقيقة كما أقول لكم!
كنت أقول أن رسالة الماجستير، ووقت تحضيري لها كانت من أروع الأحداث في حياتي، حينها عرفتُ أن قلبي لم يكذبني، وأنني كنت أستحق الحب بعد فترة طويلة من الألم..
.
......
.

الألم الداخلي، فقد كنت وحيدة أهلي، ولم يكن أعظم أمانيهم أن يروني دكتورة في الجامعة، بالطبع ! لكنني كنتُ فلتة عائلية لم تتكرر حتى الآن، قالوا عنّي الكثير وقتها، غريبة الأطوار، معقدة ، عانس !
نعم ، قالوا كل ذلك وأكثر، وعلى رأسهم أمّي، رحمها الله... كانت تفضّل أن تراني عروس على أن أنجح – مجرد نجاح- في دراستي، ولم تكن تعلم أنني أحضّر الماجستير، فقط قلنا لها أن دراستي لم تنته، كانت تتعجب كثيرا كيف أن قريباتنا الفتيات أنهين دراستهن وتزوجن وأنجبن، وأنا لم أنهِ دراستي بعد.. لم تكن تعلم أنهنّ إما لم يكملن تعليمهنّ أصلا – أو كانت تعلم وتحبّ ذلك وهو الأرجح!- أو أكملوا في معاهد تنتهي بعد عامين، وذلك طبعًا لاختصار الوقت للحصول على أطفال ينادوهنّ ب:ماما !

كنتُ في قاعة الحفلات أقف على المنصّة وحيدة إلا من ملفّي الذي يحوي لقبي الجديد، كنت أعلم أنني سأنال الدرجة، ليس لأن الدكتور يحبني بالطبع، فقد جاء دكاترة من كليات مختلفة، لكن لأن الدكتور كان معجبًا بأطروحتي التي لم يسلّط عليها الضوء من قبل..لذلك كنت متفائلة..
وبالفعل، كانت ابتسامته الدافئة أثناء إجابتي على الأسئلة تزيدني ثباتًا وهدوءًا خارجيًا، لا مجال للحديث عن حالتي القلبية وقتها ^_^

وبعد فترة من الصمت والنقاش؛ انطلق الأمل:

قررنا نحن هيئة التدريس برئاسة الدكتور....و بمشاركة كل من ....... أن الطالبة كوثر ... قد مُنِحتْ درجة الماجستير بتقدير ممتاز.
لم أقوَ إلا على الابتسام...أروع حفلة حدثت بعدها على الإطلاق، ربما أروع من حفل زفافي ذاته، أُعّدت بإشراف دكتوري الحبيب، وحصلنا على الكثير من الصور...ترقد مطمئنة في خزانتي الآن..أرجع إليها بين فترة وأخرى، فقط لأنال المزيد من التحسّر..

بقيت ورقة واحدة وأنتهي من التصحيح، هناك أشخاص يعرفون ما يكتبون حقًا وهذا مبشّر، دعوني أقول هناك" طالبات" يعرفن ما يكتبن ، كي أكون أكثر دقّة...فيبدو أن الطلبة ينتظرون أن تجيء لهم أمهم بالطعام لتلقمهم إياه بالملعقة !

لطالما كانت تربية الفتيات المجحفة سببًا في تقدمهن وتفوقهن، على العكس من ترفيه الصبيان الذي لم يجلب لنا سوى شباب ساقطي البنطلونات والعقول !
عندما كنتُ أدرّس في إحدى الدول الخليجية، كانت الفتيات على العموم متفوقات أكثر من الطلبة بكثير جدًا، مناهج الفتيات كانت مكثفة، مركزة ، الواجبات أكثر، الضغط أكبر، والحكمة الخارقة أنهن مقيمات في المنزل فلا شيء يفعلنه سوى المذاكرة !
أما الصبيان ورغم سهولة مناهجهم بالمقارنة بالفتيات، والترف الذي ينالون، إلا أنهم يكونون مثالا للأدمغة الفارغة والأجسام الممتلئة..

سمعتُ أن الوضع اختلف الآن، وهذا جيّد رغم أنه متأخر جدًا..برأيي..
****

لابدّ أن أخلد للنوم الآن، فلديّ غدًا محاضرة مبكرّا..لا تدعوني أنسى الأوراق هنا، فليست بشيء مشرّف إلى هذا الحد..!

د. كوثر
منتصف نوفمبر 2007

No comments: